21 نوفمبر 2009

الرسالة الأسبوعبة لفضيلة المرشد العام‏

الحج والأمة الواحدة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.. وبعد؛
فها هي قلوب المسلمين تهوي إلى البيت الحرام من أنحاء المعمورة، برهانًا على استجابة الله لدعوة الخليل إبراهيم؛ حين قال: ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾ (إبراهيم: من الآية 37)، وما يزال وعد الله يتحقق، وما تزال أفئدة من الناس تهوي إلى البيت الحرام؛ يتقاطرون بمئات الألوف من فجاج الأرض البعيدة، قاصدين بيت الله الحرام، يعيشون في رحابه، ويتعلمون من خلال الحج دروس الحياة العزيزة، ومنها ما يلي:

يلتقي المسلمون على اختلاف أجناسهم وأعراقهم وألوانهم ولغاتهم ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ (الحج: من الآية 28) فتتجلى المساواة بأسمى صورها الواقعية في الحج، فالجميع يلبسون لباسًا واحدًا بسيطًا لا ترف فيه ولا تفاخر، والجميع يطوفون حول البيت ﴿الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ﴾ (الحج: من الآية 25)، والجميع يهتفون هتافًا واحدًا لا أثرَ فيه لعنصرية، ولا محلَّ فيه لعصبية (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك)، والجميع يقفون في عرفات موقفًا واحدًا، لا تفاضل بينهم إلا بالتقوى والإخلاص؛ فتذوب الطبقية، وتتلاشى التفرقة، وتتجسد المساواة الحقة الصادقة الخالية من كل تكلف أو خداع، المساواة التي فُقِدَت في العالم المتحضِّر، وضاعت في دنيا المدنية الزائفة.

والجميع يُفيضون من عرفات، ويأتون المشعر الحرام بمزدلفة، بعد أن ألغى الإسلامُ الامتيازَ الذي كانت قريشٌ تعطيه نفسَها؛ ليؤكد عمليًّا المساواةَ بين الجميع، فقد "كَانَتْ قُرَيْشٌ وَمَنْ دَانَ دِينَهَا يَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ الْحُمْسَ، وَكَانَ سَائِرُ الْعَرَبِ يَقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلاَمُ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْتِيَ عَرَفَاتٍ، ثُمَّ يَقِفَ بِهَا، ثُمَّ يُفِيضَ مِنْهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾" (البقرة: من الآية 199) (متفق عليه).

ثم وقف صلى الله عليه وسلم يعلن هذا المبدأ الإنساني الجامع يَوْمَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ: "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ (الحجرات: من الآية 13)، فَلَيْسَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ فَضْلٌ، وَلا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ فَضْلٌ، وَلا لأَسْوَدَ عَلَى أَبْيَض وَلا لأَبْيَضَ عَلَى أَسْوَدَ فَضْلٌ، إِلا بِالتَّقْوَى" (الطبراني).

وهو صلى الله عليه وسلم الذي قال يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ (أي كبر وفخر) الْجَاهِلِيَّةِ وَتَعَاظُمَهَا بِآبَائِهَا، فَالنَّاسُ رَجُلاَنِ: رَجُلٌ بَرٌّ تَقِيٌّ كَرِيمٌ عَلَى اللَّهِ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ هَيِّنٌ عَلَى اللَّهِ، وَالنَّاسُ بَنُو آدَمَ، وَخَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مِنْ تُرَابٍ" (الترمذي).

لقد آن للمسلمين، بل للدنيا كلها؛ أن تتعلم المساواة الحقيقية من هذه الفريضة الكريمة ومن مختلف شعائر هذا الدين القويم، بدلاً من التعلق بالشعارات الفارغة التي ترددها بعض الأمم بألسنتها، وتُوقِّع من أجلها المواثيق والمعاهدات، ثم تدوسها كل صباح ومساء بأقدامها وسلطانها وقوتها وجبروتها، وتضمر في نفسها احتقارًا لأبناء الأمم الأخرى.

الحج مؤتمر الأمة الواحدة المتوحدة:

ها هم اليوم حجاج بيت الله الحرام من كل فجٍّ عميق، بكل لغةِ ولون، يتوافدون على البقاع المقدسة الطاهرة، متناسين الخلافات السياسية بين الدول التي وفدوا منها، لا تحرِّكهم سوى قوة العقيدة والدين، الذي ينفذ إلى أعماق القلوب وأغوار النفوس؛ فيحركها نحو الوحدة الإنسانية الكبرى، البريئة من نزعات التعصب لجنس أو لون أو عرق، ويحذِّرها من الاستجابة لرغبات الأعداء في تفريقها وتمزيقها ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100)﴾ (آل عمران)، ويدعوها في وضوح تام ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ (آل عمران: من الآية 103)، ومن ثم ينطلق المسلم مستحضرًا ماضي أمته الواحدة، متطلعًا إلى إحياء هذه الوحدة العزيزة، ولسان حاله يقول:

ثم إن هذا الموسم يمثِّل اجتماع كل طاقات الأمة المسلمة من العامة والعلماء، ومن البسطاء والحكماء، ومن الضعفاء والأقوياء، ومن الأغنياء والفقراء، يجتمعون في موطن واحدِ؛ ليتعلموا أن أمة الحق وحدة واحدة، لا بد أن تتكامل في قواها، وأن يجتمع مال أغنيائها وقوة أقويائها مع عقول علمائها وحكمة حكمائها؛ لتحقق الوحدة المنشودة ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ (الأنبياء: من الآية 92).

وكم هو عظيم معنى الطواف الذي يجعل الأمة كلها تطوف نحو محورٍ واحد، بكل مشاعرها، فيغمرها شعورٌ كريمٌ فياضٌ، بانتمائها إلى هدفٍ واحدٍ وغايةٍ واحدةٍ، فتتدرب على التعاون وإنكار الذات، وتتلقى دروسًا عملية في الحب والوحدة.

قل لي بربك.. ما شعورك حين ترى مئات الألوف من الحجيج- على اختلاف أجناسهم وتباين لغاتهم- يسيرون في ارتباط وتآزر، ووحدة وتكاتف، ووسط التلبية الهادرة، والأصوات العالية، إذا أذن المؤذن سمعوا الأذان، ولبّوا النداء، ووقف الجميع كأن على رءوسهم الطير، لا تسمع حينئذٍ إلا همسًا، ولا ترى إلا أجسامًا منظومة، وأقدامًا مصفوفة، إذا ركع إمامهم ركعوا، وإذا سجد سجدوا، وإذا قرأ أنصتوا، وإذا دعا أمّنوا.

إنها صورة من صور الجمال والحسن والجلال، ومشهد من مشاهد الكمال؛ فلْتَأْتِ الدنيا كلُّها لتُطِلَّ على هذا المنظر البديع المتناسق، وليشهد الوجودُ كله بأن الإسلام هو دين الوحدة والنظام، ودين الحياة.

إن الأمة اليوم وهي تُضطهد في كل ديارها، وتُحاط بالمؤامرات والكيد من كل جوانبها؛ ينبغي أن تستحضر ضرورة الوحدة، وأن تدرك أن قطب الرحى لهذه الوحدة هو دينها الذي به عزتها، وعقيدتها التي منها تستمد قوتها، وأن تستمع لهذا النداء الخالد من نبيها العظيم صلى الله عليه وسلم: "لاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا" (متفق عليه)، وأن تلتفت إلى عنوان تجمُّعها وشعار وحدتها؛ وهو الاستمساك بالكتاب والسنة "تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ" (موطأ مالك).

فهل ينتهز قادة الأمة وعقلاؤها هذا المؤتمر الإسلامي السنوي العام للعمل على لمِّ الشمل، وفض النزاعات، وتوحيد الصف، والوقوف بوجه العدو المتربص؟

حقن الدماء وحرمة دم المسلم:

في حجة الوداع قام القائد الأعظم، والرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم؛ فألقى أسمى خطاب في الوجود، وأخلد حديث على صفحات الزمان، وأرسى بنود أعدل دستور عرفه التاريخ، يرسم للبشرية طريق خلاصها، وسبيل مجدها، ودروب سعادتها وعزتها، ويسكب في أذن الدنيا أصدق قانون، فيه صلاح المجتمع، وكرامة الإنسان، ويتلو قول الله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا﴾ (المائدة: من الآية 3).

ومن أهم ما شدد عليه صلى الله عليه وسلم: حرمة الدماء، فقد خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟". قَالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ. قَالَ: "فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟". قَالُوا: بَلَدٌ حَرَامٌ. قَالَ: "فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟". قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ. قَالَ: "فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا". فَأَعَادَهَا مِرَارًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟". قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَوَصِيَّتُهُ إِلَى أُمَّتِهِ: "فَلْيُبْلِغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ" (البخاري).

ورفض النبي صلى الله عليه وسلم كل أعراف الجاهلية في الأخذ بالثأر أو إراقة الدماء تحت أي مبرر، وبدأ بدماء أهل بيته، فقال في خطبة عرفة: "إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلاَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا؛ دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ، كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ" (مسلم).

وها هو النبي صلى الله عليه وسلم يعلن أن الشيطان يقود حربًا للإيقاع بين أبناء الأمة، فيَقُولُ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ" (مسلم)؛ أليس ما يجري في هذه الأشهر الحرم في بلادنا العربية والإسلامية من حروب وفتن داخلية، يُذكيها أولياء الشيطان من الشرق والغرب، ويمدون أطرافها بالسلاح والعتاد؛ هو من تحريش الشيطان الذي حذَّر منه النبي صلى الله عليه وسلم؟

فيا عقلاء الأمة، ويا قادة الأمة، ويا علماء الأمة، هلموا إلى عمل جاد حازم، يوقف نزيف الدم المسلم في اليمن والعراق والصومال وباكستان وأفغانستان والسودان وكل مناطق التوتر على امتداد رقعة أمتنا الإسلامية؛ حقنًا للدماء المسلمة التي تراق في غير ميدانها، وتنفيذًا لوصية النبي صلى الله عليه وسلم، الذي قال: "لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ" (الترمذي).

أليس عجيبًا أن يمد العرب والمسلمون أيديهم للسلام والتفاهم مع أعداء الأمة الذين احتلوا الديار، وقتلوا الأبرياء في فلسطين وغيرها، وفي ذات الوقت يمتنعون من التفاهم مع بني جلدتهم وأوطانهم، ولا يعرفون سبيلاً لحل مشاكل أوطانهم إلا بقوة الحرب والسلاح الذي اشترته جيوش الأمة من أجل حماية الأوطان لا من أجل حل الأزمات الداخلية؟!

أليس الأشد عجبًا أن يسمح بمرور السلاح بكل أشكاله إلى الأطراف المتنازعة في قلب الأمة، في الوقت الذي يتكاتف فيه العرب والمسلمون مع الصهاينة المجرمين لمنع السلاح عن المقاومين المجاهدين؟! ألا يثير كل ذلك النخوة في قلوب قادة الأمة وأصحاب الكلمة فيها، فيتحركون لإصلاح هذا الخلل، وتقويم هذا العوج؟!

القدس والأقصى في قلب كل مسلم:

إن البقاع المقدسة في مكة والمدينة لتذكرنا البلدَ المباركَ الذي بارك الله حوله؛ القدسَ الشريف الذي يشكو إلى ربه ظلمَ اليهود الظالمين، وعجزَ المسلمين المتخاذلين، إذ يعيش أهله تحت سياط القهر والخوف والتهجير ومصادرة الأملاك وهدم البيوت، وإن الطواف حول البيت المعظم ليذكرنا شقيقَه المأسورَ المسجدَ الأقصى المباركَ، وإن للقدس والأقصى محلاًّ ساميًا في قلب كل مسلم؛ ولئن عجز النظام الرسمي العربي والإسلامي عن الوقوف في وجه المحاولات الصهيونية الآثمة لتهويد القدس وهدم الأقصى؛ فلقد أثبت أبناء الأقصى المرابطون أنهم يفدونه بأرواحهم وأنفسهم، وإنهم لجديرون بأن تقف الأمة من ورائهم، وأن تشد من أزرهم؛ حتى يكتب الله لهم النصر ولأقصانا ومدينتنا التحرير بإذن الله.

وإني لأدعو كل مسلم في هذه الأيام المباركة، وبخاصة حجاج بيت الله إلى التضرع إلى الله في إخلاصٍ وإخباتٍ وخشوعٍ أن يفك أسْرَ البلد المبارك؛ ليلحق بأخويه مكة والمدينة، وأن يكتبَ لأهله ونازليه الأمنَ في ظل الإسلام الحنيف، وأن يحفظه وأن يثبت المجاهدين من أهله، ويربط على قلوبهم حتى يتم لهم النصر الموعود إن شاء الله، وأن يحفظ المسجد الأقصى المبارك من كيد الصهاينة المجرمين، وأن يلحقه بأخويه المسجد الحرام والمسجد النبوي في الأمن والأمان والسلامة والإسلام.

وكل عام وأمتنا الإسلامية بألف خير، والله أكبر ولله الحمد، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

17 نوفمبر 2009

العشر الأوائل من ذي الحجّة



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(إن لربكم في ايام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها لعل احدكم ان يصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها ابدا)
.
وقال رسول الله (ما من ايام العمل الصالح فيها احب الي الله من هذه الايام العشر فقالوا ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله الا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشئ)
.
وقال رسول الله (صيام يوم عرفة احتسب عند الله ان يكفر السنة التي قبلها والتي بعدها)
.
من منا لم يذنب .. ومن منا لم يعص .. فها قد اقبلت ايام ما فيه ايام احب الله العمل فيها منها .. فيها تاب الله على آدم واستجاب الله لزكريا ونجا الله يوسف وولد فيها عيسى وموسى ونجى الله فيها اسماعيل وفرج عن محمد عليهم الصلاة والسلام ..
.
اقسم الله بها في القرآن .. (والفجر وليال عشر والشفع والوتر) ..
.
الا تستحق انفسنا ان تسعى لرحمة الله في هذه الايام .. وفيها يوم التروية ويوم عرفة ..
.
قال عنه رسول الله (هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له)
.
وفيه يوم النحر ويوم القر يوم العاشر والحادي عشر ... من احب الايام الي الله .. هذه الايام بها من الثواب ما لا يعلمه الا الله
.
يارب هديتنا وضللنا .. وغفرت لنا وأذنبنا .. وتبت علينا وعصينا .. وأعطيتنا وجحدنا .. وعدلت فينا وظلمنا .. وان لا تغفر لنا وترحمنا وتهدينا نكن من الهالكين .. اللهم سلم سلم .. اللهم رحمتك التي وسعت كل شئ .. لا إله إلا انت سبحانك لا إله إلا أنت سبحانك انا كنا من الظالمين اللهم وفقنا الي كل خيرك وابعدنا عن شرور انفسنا .. ووفقنا الي اقامة صلاتك .. وصيام أيامك .. وقراءة كتابك .. وذكرك .. وحفظ حدودك .. وحج بيتك .. والجهاد في سبيلك .. وايتاء زكاتك ..
.
سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر
لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شئ قدير
الله أكبر
الله أكبر
الله أكبر
لا إله الا الله
الله اكبر
الله اكبر
الله اكبر
ولله الحمد
--------------------

16 نوفمبر 2009

كلمة رئيس الحركة الشيخ مصطفى بلمهدي بمناسبة انعقاد الملتقى الوطني الأول لقسم الدعوة والتربية

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جمعنا على المحبّةِ في الله والأخوّةِ في دينه، فالتقينا على طاعته وتوحدنا على دعوته وتعاهدنا على نصرة شريعته.
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وأصحابه قدوةِ المربّين، وعلى أزواجه أسوةِ المربِّيات، وعلى أنصاره وإخوانه وأتباعه إلى يوم الدّين، أفضل ما أحييكم به تحية الإسلام، وتحية الإسلام السلام: فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أمّا بعد..

.
أيها المربُّون، أيتها المربِّيات، أيها الدعاة، أيتها الداعيات..
.
- أنتم الذين اصطبغتم بالصبغة الإلهية: (صبغةَ الله ومَن أحسن من الله صبغة).

- أنتم السائرون في الطريق القويم على درب: (ومن أحسن قولا ممّن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنّني من المسلمين)، فكان قولُكم أحسنَ الأقوال، لأنّكم تدعون إلى الله وتؤدُّون عملكم على أحسن وجه، وأعلنتم انتماءكم واضحًا بيِّنًا لإسلامكم وجماعتكم وإخوانكم.

.
أيها المربُّون، أيتها المربِّيات..
.
إنّ من عوائق العمل الهزيمة النّفسية والتراجع في الهمم، بسبب القصور عن الوصول إلى المنازل المنشودة أمام كثافة دواعي الشرِّ والرّذيلة وتقهقُر أهل الخير والفضيلة، فَتُؤْثِرون العزلة والسهولة، وتتركون محاربةَ المفاسد الفكرية والأخلاقية.


ومَن اختار الخلوة يحسَب –كما يقول الرافعي-:"إنّه قد فرَّ من الرذائل إلى فضائله، ولكنَّ فراره من مجاهدة الرذيلة هو في نفسه رذيلة لكلِّ فضائله، وماذا تكون العِفَّةُ والأمانة والصِّدقُ والوفاءُ والبِرُّ والإحسانُ، وغيرها إذا كانت فيمن انقطع في صحراء وعلى رأس جبل؟؟ أيزعمُ أحدٌ أنَّ الصدقَ فضيلةٌ في إنسانٍ ليس حوله إلا عشرةُ أحجار؟، واللهِ إنَّ الخالي من مجاهدة الرذائل جميعا لهو الخالي من الفضائل جميعًا".

- إنّ بعضنا لا زال الحزن على واقع الدعوة الإسلامية يستهلكهم يوما بعد يوم، ولا زال حزينا على ما وقع من فتنةٍ في صفوف الجماعة، فانعزلوا يبكون وتركوا أجيال الشباب لمن يربِّيها من دعاة الانحراف والفساد.. يروي الإمام الشعبي أنَّ رجالاً خرجوا من الكوفة ونزلوا قريبًا يتعبّدون، فبلغ ذلك عبدَ الله بنِ مسعود فأتاهم، ففرحوا بمجيئه إليهم، فقال لهم: "ما حملكم على ما صنعتُم؟" قالوا: أحبَبْنا أن نخرج من غِمار الناس نتعبّد، فقال عبد الله: "لو أنَّ الناس فعلوا مثل ما فعلتُم فمَن كان يقاتل العدوّ؟ فما أنا بِبارحٍ حتى ترجعوا".
ويقول ابن الجوزي رحمه الله: "الزُّهَّادُ في مقام الخفافيش، قد دفنوا أنفسهم بالعُزلة عن نفْعِ الناس وهي حالةٌ حسنةٌ إذا لم تمنع من خيرٍ، ومن جماعةٍ واتِّباعِ جنازةٍ وعيادةِ مريضٍ،... إلا أنها حالةُ الجبناء، فأمّا الشُّجعانُ فهم يتعلّمون ويُعلِّمون، وهذه مقاماتُ الأنبياء عليهم السلام".
نحسبكم أيها المربُّون من هؤلاء الشجعان بل أنتم الشجعان الذين يضيؤون زوايا هذا الوطن المظلمةِ جنَبَاتُه.
ويعرِّف الكيلاني الزهدَ الحقيقيَّ ويقول:"المتزهِّدُ المبتدئُ في زُهده يهرب من الخَلق، والزاهد الكاملُ في زُهده لا يُبالي ولا يهرب منهم.. بل يطلبهم، لأنّه يصيرُ عارفًا لله عزَّ وجلّ، ومَن عرف الله لا يهرب من شيء، ولا يخاف من شيء سواه.
المبتدئ يهرب من الفُسّاق والعُصاة، والمنتهي يطلبهم.. كيف لا يطلبهم وكلُّ دوائهم عنده. مَنْ كمُلتْ معرفتُه لله تعالى صار دالاًّ عليه، يصير شبكة يصطاد بها الخَلْق من بحْرِ الدنيا، يُعطي القوّة حتى يهزم إبليس وجنده".
- قوْل ابن مسعود وابن الجوزي والكيلاني هذا لمن انصرف إلى العبادة، فماذا نقول اليوم لمن ينصرف عن العمل لا إلى كثرة العبادة ولكن إلى الراحة والترف. ولئن انْحنَتْ ظهور بعضُ المتعبِّدين اليوم من كثرة الصَّلاة وجفَّتْ حُلُوقُهم من مواصلة الصّوم، فإنَّ دعاةَ العمل قد انْحنَت ظهور بعض الفرائض والسّنن من كثرة مجالس التداوُل في أمور ومصالح المسلمين، جفَّتْ حُلُوقُهم من كثرة السَّعي والحركة

.
أيها المربُّون، أيتها المربِّيات..

.
إنّكم تتصدَّوْن لتربية الأجيال، وكلُّ مُتَصَدٍّ للتربية ناقص، وإنّما فرَضَتْكم الحاجةُ التربوية فوضعَتْكم في مَقام الأستاذية لتربية الأجيال، طمَعًا في أن تنالوا بالتواصي الجماعي بالحقِّ وبالصَّبر ما يمكن أن يُنَالَ من جميل الخِصال الإيمانيَّة ومَحَاسِن الصفات الإسلامية، فأنتم بهذا الطمع تتحرَّكون، وإلى تحقيق أهدافكم تصبُون: "اعملوا فكلٌّ ميسَّرٌ لما خُلِق له".
إنَّكم تبذلون اليوم جهدًا كبيرًا لإصلاح ما أفسدتْه المناهج الأخرى والحركات التي تدّعي أنّها تصلح وهي إلى الإفساد أقرب، ومن الإصلاح أبعد ولكنكم اخترتُم طريقًا طويلة وعمليةً شاقَّة لاستلال بقايا الجاهلية، ولكن هذه الطريق هي المُوصِلة إن شاء الله تعالى.
ثمَّ إنَّ بعض جهودنا تُهدَر بلا سببٍ منّا ولكنَّها العداوات المخاصمةُ لنا ولمنهاجنا وطريقِ دعوتنا، فلنُسَدِّدْ ولْنُقارِبْ من غير أن يدِبَّ إلى نفوسنا يأْسٌ في حِيازةِ بعض الخير، فإنَّ عصابةً من الأمَّة لا تزال ظاهرةً على الحقِّ حتى تقوم الساعة، كما نطق الحديث الصحيح، ولنعملْ سويَّةً حتى نكون من هذه العصابة المؤمنة الثابتة على الحق، والتي تنشد التغيير من خلال العمل التربوي والدعوي، الذي جعلناه من أولى الأولويات في حركتنا وجماعتنا.
.
أيها المربُّون، أيتها المربِّيات..
.
ينبغي عليكم جميعًا أن تُعطوا الأهمية القصوى للتربية، وأن تجعلوها همَّكم الأول والأخير، فبالتربية والدعوة نتحرّك وإليهما نتحاكم كمرجعية لنا في خلافنا، وعليهما –بعد الله تعالى- نعتمد في العملية التغييرية التي ننشدها بإذن الله تعالى، ولكن لنضعْ نصبَ أعيننا دوما قولَ الله تعالى: (ذلك بأنَّ الله لم يكُ مُغيِّرًا نعمةً أنعمها على قومٍ حتى يغيِّروا ما بأنفسهم).


وعليكم ثانيًا: ألاَّ تنساقوا وراء المُشكِّكين والمرتابين والمنحرفين، ولا تتركوا لهم طريقا إلى أنفسهم بل الثباتُ عَهْدُنا والثقة في منهجنا رأسُمالنا والاعتمادُ على الله مَنهَجُنا. يُحكى عن الإمام الشعبيّ رحمه الله لمَا قال له الحجَّاج: كم عطاءَك؟ فأجاب متعمِّدًا الخطأ بالمرفوع: (ألْفَيْن)، فقال الحجَّاج: ويْحكَ، كم عطاؤُك؟، قال: (ألْفان)، قال الحجَّاج: لَحَنْتَ فيما لا يَلْحَنُ فيه مثلُكَ؟ قال الشعبي: لَحَنَ الأميرُ فلَحَنْتُ، وأعربَ فأعْرَبْتُ. قال الشيخ الراشد معلِّقًا:"فلهذا نندُبُ كلَّ قياديٍّ أن يكون مع العزائم والثوابت والواضحات وأعرافِ المؤسِّسين ودَيْدَنِ المربِّين، لئلاَّ يَلْحَنَ الصفُّ ويُرَوَّجَ التأويلُ ويتعالى المرجوحُ على الراجح، فعلى مقدار صلابةِ الصَّفِّ المتقدِّمِ يكون ثباتُ الأرْهاطِ الأخيرةِ المنتشرةِ في الساحة، وإذا الْتَزَمَ الأولُ، ارْعَوَى الثاني، وكلما فصَحَ الرِّجالُ نطقت السَّاقةُ بالصواب". هكذا تكونون أنتم أيها المربُّون العاصمَ –بعد الله تعالى- بثباتكم من انحراف كثيرٍ ممَّن معنا أو ممَّن مع غيرنا، بل أنتم أيها الدعاةُ حاملو مِشْعَلَ التغيير الحقيقي، فاثبُتُوا على دعوتكم ومنهجكم واعتصموا بالله تعالى ثمَّ بجماعتكم وحركتكم المباركة، والله تعالى يتولانا برحمته وتوفيقه لكلِّ خير.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.يوم الجمعة: 17 ذي القعدة 1430هـ الموافق 06 نوفمبر 2009م


------------------
الحادي أون لاين

قسم الدعوة والتربية يعقد مجلسه الوطني الأول

عقد "المجلس الوطني للدعوة والتربية" التابع لقسم الدعوة والتربية الوطني لحركة الدعوة والتغيير، ملتقاه الأول يوم الجمعة 17 ذي القعدة 1430هـ، الموافق 06 نوفمبر 2009م. تحت رعاية رئيس الحركة الشيخ مصطفى بلمهدي، وإشراف رئيس قسم الدعوة والتربية الأستاذ العيد محجوبي، وبمشاركة رؤساء وممثلي "قسم الدعوة والتربية" الولائي، وبحضور بعض الكفايات الدعوية والتربوية..
وقد تميزت المداخلات والكلمات الافتتاحية والتأطيرية بالجدية، والدعوة للإبداع والتجديد في الوسائل وطرق العمل الإسلامي، والحرص على العمل الدعوي والربط العام، الذي شهد بعض التقهقر والتراجع في الساحة الإسلامية بالجزائر، حيث ذكَّر رئيس الحركة بالفهم الصحيح للعمل الدعوي، وأهميته عند الله تعالى، والتي لا تقل عن مختلف العبادات من نوافل وزهد..
أما كلمة الأستاذ العيد محجوبي فقد بيّن فيها رؤية الحركة لسياسات الاستدراك التربوي والتبليغ الدعوي، ثم قدَّم الخُطة العامة للقسم..
بعد نقاش جاد ومسؤول من طرف الحضور حَول العمل التربوي والدعوي المحلي والوطني.. توَزَّع الإخوة المشاركون في ورشات لمناقشة أرضية خطة ومشاريع اللجان المختلفة..
واختتم اللقاء بالمصادقة على الخطة السنوية لقسم الدعوة والتربية الوطني في ساعة متأخرة من يوم الجمعة المبارك.




----------------------


الحادي أون لاين