19 سبتمبر 2009

منهم من قضى 60 عيدًا في السجون

المعتقلون لدى السلطة والاحتلال وأهاليهم يفتقدون فرحة العيد بالألم والعذاب (تقرير)

رام الله / القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام

المعتقلون السياسيون لدى السلطة الفلسطينية الذين يقدر عددهم بأكثر من ألف معتقل، وأهالي الأسرى في سجون الاحتلال، يستقبلون العيد على غير حال المسلمين في العالم بلا بهجة ولا فرح ولا سرور، بل بالدموع والآلام وحسرة الفراق وكل أشكال الحرمان من كل متاع الحياة الدنيا؛ فالعيد يجدد الألم ولهيب شوق الأسير إلى محبيه وعاشقيه وأمه وزوجته وأطفاله وعائلته والمقربين؛ ففيه يتجدد شوق الأعزة والقلق على أسيرهم في السجون، ويتضاعف حجم التساؤل عنه: كيف يقضي هذا اليوم؟ من يزوره؟ من يواسيه ليتحمل عبء الفراق عبء الوحدة والغربة والحزن والآلام؟
.

دموع وألم وحزن!
.
"مع إطلالة عيد الفطر السعيد على الضفة الغربية المستباحة ليل نهار يبحث أهالي المعتقلين السياسيين عن فرحة منقوصة فلا يجدونها، وكذلك أبناء الأسرى لدى الاحتلال الصهيوني؛ فالعالم يواصل تجاهل معاناة الشعب الفلسطيني المقهور والمكلوم".. بهذه الكلمات وصف الحاج طالب إبراهيم (من مدينة الخليل) حال عيد الفطر لمراسل "المركز الفلسطيني للإعلام"، مضيفًا: "وما يميز هذا العيد عن سابقه هو تفاقم المعاناة للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية عدا قطاع غزة المحاصر؛ حيث يتزايد أعداد الشهداء والأسرى والجرحى والمعاقين، وتتصاعد نسب الفقر والبطالة في كلٍّ منهما إلى مستويات قياسية وعالية بشكل كبير وصلت إلى 60%".
.

وجع ووحشة!
.
الأسير المحرر محمد جمال الدين (من رام) الله يقول: "في العيد تزيد الأوجاع، والقلب يجد غصة، وتذرف الدموع مرات من عيون الأسرى؛ مرة عند تكبيراته، ومرة ثانية عند سؤال الطفل عن أبيه، وثالثة عند زيارات الرحم التي تفتقر إلى الأسير وسط جمعة الأهل والمحبين، مستذكرين القريب البعيد والغائب الذي لا يغيب، وخامسة وسادسة وعاشرة وعشرين عند كل ذكر اسمه أو السؤال عنه".
وأضاف أن الأسير في العيد يشعر بالوحشة والغربة والحنين؛ فهذا الأسير له في السجن 60 عيدًا قضاها في 15 سجنًا ومعتقلاً ومركز توقيف أو تحقيق، والثاني له ربع قرن أو يزيد لم يَعُد إلى أولاده وأمه وزوجته وأهله ومحبيه، والثالث له 20 عيدًا قضاها في غرفة أو زنزانة موحشة حقيرة بين الجدران والسجان، والرابع له 15 عيدًا شهد آخرها وفاة أمه التي انتظرته وصبرت على زياراته وتمنت العيش ولو للحظة واحدة بصحبته، ولكن خطفها الموت قبيل العيد قبل أعوام قلائل من قرب الإفراج عنه، وآخر أمضى 10 أعياد لم يذق فيهن ولو لمرة واحدة كعك أمه وقهوتها، ومنهم من له خمسة أعياد لم يدخل خلالها بيت أخته وجدته متواصلاً معهما كما الآخرين في زيارة الأرحام، ومنهم من له العيد الأول وما أقساه من عيد حين يمر عليه شريط الذكريات القريب بكل جماله وحلاوته ومتاعه!.
وتابع جمال الدين: "في العيد أتذكر أيام سجني وزملائي والمحاولات لإيجاد السعادة ورسم الفرحة بأقل الإمكانيات بيننا.. أتذكر كيف كنا نستعلي على جراحنا، وكيف كنا نحاول إظهار السعادة على مُحيَّانا، ونخفي آلامنا وحزننا، والمحاولة ولو جزئيًّا لإيجاد جوٍّ من الفرحة أمام السجان، أتذكر حبات الفواكه التي كنا نستلمها في بعض الأحايين، وإيثار الأسرى بعضِهم بعضًا بودٍّ ومحبةٍ ووفاءٍ.. أتذكر "سفرة" الطعام القليلة بكمِّها ونوعها، والكبيرة بلقائها والإيثار بها وقيمتها النفسية والمعنوية.. أتذكر كل هذا وزيادةً عليه دعاء الأسرى في العيد.. اللهم تقبل صيامنا وصلاتنا وجهادنا، اللهم فرج كربنا واجمع شملنا وردنا إلى أهلينا سالمين غانمين. .آمين يا رب العالمين".
.

إذن.. مفيش فرحة
.
الحاجة رقية حمدان (من رام الله) تقول لمراسلنا إن ابنها محمد موجود لدى ميليشيا عباس منذ شهر في مقر "الوقائي" ولا تعرف ما تهمه، "فكيف نفرح بمجيء العيد وابننا الله وحده يعلم ما يجري له هناك؟!".
وأردفت: "وجارتنا زوجها استشهد وترك لها طفلان وأصبحت أرملة بين عشية وضحاها وتندب حظها العاثر ولا تجد طعم الفرحة منذ خمس سنوات، وجارنا الآخر له ولدان في السجن والكل عنده مصيبة تكفيه.. إذن مفيش فرحة".
إلا أن شقيق الأسير محمود صالح (من مخيم طولكرم) يقول لمراسلنا:"الفرحة للكبار غير موجودة، خاصة من له أسير أو شهيد أو معتقل لدى الأجهزة، ولكن نبقى نحاول إدخال الفرحة على أطفالهم؛ فمن حقهم العيش ببهجة وسرور".
المواطن كمال محمود (من مخيم الجلزون قرب رام الله) يقول عن سبب فقدانه الفرحة في هذا العيد: "ما يدمي القلب ويدمع العين في هذا العيد بدل الفرحة والبهجة هو تواصل حالة الانقسام وتخاصم الإخوة بعضِهم مع بعض من حركتي "فتح" و"حماس"، هذا الخصام الذي أدى إلى تجاوز الخطوط الحمر، وحقوق الإنسان في الضفة من قبل الأجهزة الأمنية التي تقوم بذلك تحت حجة الخوف من انقلاب "حماس" على السلطة في الضفة، وهي الحجة التي تمرَّر من خلالها (خارطة الطريق)".
وأضاف: "العيد بدل أن نقف لحظات فيه مع أنفسنا ونسأل أنفسنا ماذا نريد وإلى أين نريد أن نصل في ظل حالة التراجع والترهل والضعف الفلسطيني الحاصلة.. بدل ذلك نسمع تصريحات من المسؤولين الفلسطينيين تحبط وتربك وتخفض من سقف التوقعات للمواطن الفلسطيني الغلبان".
والدة الأسير نصر عبد الحميد (من مخيم بلاطة شرق نابلس) قالت: "عيد الفطر هذا العام حزين؛ لكونه أتى وأكثر من عشرة آلاف أسير وأسيرة فلسطينية خلف القضبان يعانون القهر والعذاب ساعة بساعة، ولكون آلاف من الشهداء تحت الثرى يتم تذكرهم بالدموع والذكريات الحزينة، وهو حزين وغاضب في ظل وجود ألف معتقل سياسي من أبطال المقاومة الفلسطينية لدى سجون الأجهزة الأمنية ومقراتها في الضفة دون أن يفرج عنهم بسبب أوامر دايتون".
أما والدة الأسير محمد شبيطة (من جنين ومن حركة "فتح") فقالت: "حركة "فتح" التي قدمت قافلة طويلة من الشهداء والأسرى على مذبح الحرية من خليل الوزير وأبو إياد وأبو عمار، وحركة "حماس" التي طوَّرت الأداء الفلسطيني المقاوم؛ بدءًا من الحجارة وحرب السكاكين مرورًا بالاستشهاديين وصواريخ القسام التي تمرِّغ أنف الاحتلال في التراب صباح مساء، وحركات المقاومة الأخرى كلها.. آن ألأوان لها جميعًا لتضع وتترك خلافاتها وتدخل الفرحة على قلوبنا جميعًا مع العيد؛ فقد مللنا الخلافات".
.

عيد بلا فرحة!!
.
"دول العالم الإسلامي تحتفل وتفرح بالعيد كلٌّ على طريقتها، ولكن الشعب الفلسطيني يفتقد الفرحة التي تحل محلها أحزان متعددة لأحوال متراجعة ومتردية؛ فعائلات الشهداء تتذكر فلذات أكبادها تحت الثرى وسط الدموع، و11 ألف أسير فلسطيني تأكل القضبان الحديدية من أجسادهم ولحومهم، وجرحى ومعاقون يئنون من وقع آلامهم".. بهذه الكلمات وصف أبو العبد الخالدي (من مدينة نابلس) حال العيد والفرحة المنقوصة، وأضاف: "العيد ليس لأناس فاقدي حريتهم ووطنهم مغصوب وبناتهم الأسيرات في السجون يتم العبث والتحرش بشرفهن وأبناؤهم معتقلون إما عند السلطة أو عند الاحتلال؛ فهذا ليس بعيد، بل فرحة للأطفال الصغار فقط".
-----------------------------

ليست هناك تعليقات: