14 فبراير 2010

كلمة رئيس الحركة الشيخ مصطفى بلمهدي في افتتاح فعاليات:حركة الدعوة والتغيير كلمة رئيس الحركة الشيخ مصطفى بلمهدي في افتتاح فعاليات: الملتقى الشيخ الشهيد


حركة الدعوة والتغيير كلمة رئيس الحركة الشيخ مصطفى بلمهدي في افتتاح فعاليات: الملتقى الشيخ الشهيد محمد بوسليماني الدولي "الوسطية والشباب.. مسؤولية وتطلعات" المنعقد يومي: 29 و30 صفر 1431هـ الموافق: 13 و14 فبراير 2010م بفندق الرياض، الجزائـر. أيها السادة الكرام.. تحية طيبة.. فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نجتمع اليوم لإحياء ذكرى الشيخ الشهيد محمد بوسليماني عليه رحمة الله، ونتداعى لإحياء هذه الذكرى إيمانا منا بالدور الرّسالي للشيخ بوسليماني، هذا الدور الذي ظل يقوم به في كل الظروف والأحوال بإرادة صلبة وجهد متواصل. أيها السادة إن هذه الذكرى ليست ذكرى تأبين ونوح وبكاء لأن ذلك لم يكن من شيمة الشيخ بوسليماني رحمه الله، الرجل الذي لم ترجى مختطفيه أو يساومهم بعد أن طلبوا منه فتوى بإباحة أعمالهم الهمجية ومشروعية خروجهم عن أمتهم وذبحهم للأطفال والنساء والعزل، وتدميرهم لمؤسسات الدولة ومكاسب الشعب وإضاعة تضحيات الشهداء وإثارة الفتنة النائمة وإثارة الفتنة فيها. وإنما هذه الذكرى وقفة وفاء وتدبر لمسيرة رجل عظيم أفنى عمره من أجل أن يرى الجزائر واحة مثمرة خضراء مورقة أشجارها يانعة ثمارها زلال مائها، فعاش مضحيا بكل شيء في سبيل غايته الكبرى. لقد كان الشيخ بوسليماني رحمه الله داعية معتدلا وسطيا أراد أن يرسخ في هذا الوطن دعوة الإسلام للعمل والبناء والخير والحوار والتسامح فجاب كل ربوع الوطن وحاضر في شبابه وعلمه أميته وعمر مساجده، وكانت تلك المساجد بالنسبة له كالأرحام الولودة لجيل كان يتطلع إليه الشهداء للحفاظ على ميراثهم في الاستقلال والجزائر الحرة الناصعة. لقد كان الشيخ وحدويا ساهم بكل ما أوتي من قوة في جمع الكلمة وتقريب وجهات النظر ولم الشمل بين جميع الجهات والتوجهات من أجل مواجهة التحديات المختلفة التي كانت تواجه الوطن والمواطن والتي كان يعلم جيدا أنها لا تتحقق بجهد أحادي مهما كانت قوة الجهات التي تقوم به، ولذلك كان حريصا على أن تتضافر الجهود المختلفة من أجل الغايات الكبرى للأمة. ولقد كان الشيخ بوسليماني زاهدا فيما عند الناس راغبا فيما عند الله، ولذلك كانت حياته وقفا على الدعوة إلى الله والعمل للإسلام في كل الظروف، وكان متخففا لها من جواذب الدنيا ومطامع الناس تحمل المغرم وترك المغنم. لم تمس يده مالا يحل له ولا طمع في استغلال المناصب من اجل الحصول على أغراض دنيوية أو مطامع مادية، بل يحرص على سن منهج التطهر من الدنيا لدى الدعاة وأعطى لذلك الأمثلة ببساطة في المسكن والمركب والمأكل والملبس وعوض حب الدنيا بحب الله وحب عباد الله والحرص على تقديم النفع لهم وخدمتهم فكرا وعملا من خلال تعليم أمور دينهم وحب وطنهم وإعانتهم على ذلك باستمرار حتى أصبح يلقب بأبي المساكين. وكان يرى التغيير عملية شاملة ومعقدة يجب أن تخرج من كل الحسابات الذاتية وتتجرد من أجل أهداف الأمة الكبرى وتمس كل جوانب الحياة ولكنها لا تصلح إلا بتغيير الإنسان ومتابعة الارتقاء به في كل مراحل ومواقع حياته ولذلك كان رحمه الله يلح على البداية الصحيحة للتغيير بإيجاد قاعدته الصلبة المتمثلة في الفرد عبر تكوين القناعة والارتقاء بالروح والإرادة الخيرة والالتزام بمنهج ومسوؤليات التغيير ذاتيا لتحقيق القدوة الصالحة التي كانت عند الشيخ بوسليماني هي أساس أي عمل تمارسه الحركة الإسلامية في مشوارها الإصلاحي. وهذا التغيير عند الشيخ بوسليماني منظومة متكاملة تبدأ من الفرد ثم تتوسع نحو العائلة الاجتماعية والعائلة الفكرية والسياسية حتى إذا أصبحت أهداف التغيير تحوز على رأي عام أمكن التغيير السياسي الذي هو نتيجة وليس غاية في حد ذاته وعليه تترتب مسؤوليات إعطاء النموذج في الحكم الراشد عبر منظومة سياسية تقدم على الشورى وحرية الرأي وشفافية العدالة وصلاحية النظام المالي والاقتصادي والمشاركة الواسعة لتيارات المجتمع في إدارة الشأن العام وإيجاد الألفة والمحبة بين المجتمع ومختلف مؤسساته خاصة تلك المؤسسات الإستراتجية، كالإدارة ومؤسسات الأمن لتكون منه واليه. وكان الشيخ بوسليماني يعتبر المرأة قضية حيوية في العمل الدعوي وانه يرجع أسباب كثير من مظاهر التخلف في الأمة إلى إهمالها، فالاهتمام بترقية أدوار المرأة في المجتمع سواء أكانت ربت بيت أو شريكة عمل حيث اعتبر -رحمه الله- المرأة مرتكزا أساسيا إلى التربية الاجتماعية سواء من موقعها البيولوجي أو من مواقعها الأخرى حيث أن قدراتها في المشاركة في تلبية احتياجات البلاد والعباد تعادل أن لم تفق العديد من الرجال. ولكن كان يرى أن المرأة ذهبت ضحية لكثير من الأعراف الخاطئة والتقاليد البالية من جهة، ولموجات الفساد والانحلال من جهة ثانية مما احتاج الأمر إلى توازن بين إصلاح وضعية المرأة وإشراكها وحمايتها من أي استهداف لعفتها وأخلاقها وذلك لا يكون إلا بتربية واسعة وعميقة لبنات الجزائر وثقة كبيرة فيهن وهن يمارسن أدوار البناء والعمل في الميادين المختلفة وعلى رأسها الميدان التربوي والتقني وإدارة المجتمع المدني النافع والمؤثر في الأجيال الصاعدة. أيها السادة.. لقد كان الشيخ بوسليماني أمة في رجل وكان -رحمه الله- رغم اهتماماته الوطنية الكثيرة إلا إنه لم يغفل قط عن الدور الإيجابي الذي يجب أن تلعبه الجزائر في قضايا الأمة المختلفة وعلى رأسها قضية فلسطين التي كانت حاضرة في كل حياته اهتم بدعمها والتبشير بحريتها والحرص على مساندتها وإقامة المحافل والمشاركة في المؤتمرات الدولية المساندة وتأسيس اللجان المناصرة لها.كما كان يعتبر تحرير أرض فلسطين دعما وإكمالا لتحرير الأمة العربية والإسلامية واستقلالها وعنصرا لاستقرارها كما كان هم الأمة في البوسنة وأفغانستان وغيرها حاضرا في أعماله وحب الله لعب فيها أدوارا كثيرة ومتنوعة على المستوى الفكري والسياسي والميداني اجتماعيا وتوجيهيا وتعبئة للأمة لنصرة هذه القضايا الكبرى. وكم كان حريصا على التكفل بأبناء الصحراء الغربية الذين كانت تحتضنهم الجزائر في مدارسها بعد النكبة التي أصيب بها هذا الشعب الذي لا يزال مشردا إلى اليوم وكان الشيخ بوسليماني أحد الذين ساهموا في الاعتناء بأبناء هذا الشعب. أيها السادة.. لقد كان الشيخ بوسليماني نظيف اليد واللسان نظيف القلب والمظهر نظيف العلاقة والعمل، عاش طاهرا ومات شهيدا وأعطى للجميع درسا في القائد المربي والسياسي الصادق والداعية المخلص والمثابر في خدمة دينه وأمته ودعوته ووطنه إخواننا نطمح اليوم إلى إحياء القيم التي كان الشيخ بوسليماني حريصا على نشرها بين الناس من خلال 1. اعتماد الحوار والعلاج لقضايانا كلنا من خلال تشارك جميع أبناء الوطن في نقاش قضايا الأمة والتحمل المشترك لعلاج الملفات الساخنة بأعصاب باردة. 2. فتح المجال واسعا للعاملين للأمة وعدم تضييق المساحات الواسعة لمختلفة أنشطة الفكر والسياسة والخدمة العامة لأن ذلك لا يخدم المصلحة الوطنية بل يحرم الأوطان من طاقات أبناءها ومساهماتهم. 3. التكفل بالتوجيه الفكري والثقافي للشباب حتى لا تتكرر مأساة الأمة في التطرف والتعصب والعنف ومزالقه الخطيرة على الوطن. 4. استمرار تنشيط الإصلاح السياسي الذي يؤمن الحكم الراشد وحماية المال العام وتمكين المواطن من المشاركة محليا ومركزيا، وتوفير الحقوق البسيطة للمواطن في الخدمة العامة. 5. تأمين العيش الكريم من خلال ضمان وحماية القدرة الشرائية للمواطن وإحياء روح التضامن بين أبناء الشعب وتوسيع دائرة التكافل الاجتماعي الذي يضمن سندا قويا للمواطن ويخفف العبء الاجتماعي على الدولة. 6. ترقية المنظومة التعليمية والتربوية والأخلاقية لحماية المؤسسات من الانحراف والانحلال وحماية الوطن من النزيف الذي يحرمه من خبرات أبنائه المتخرجين. 7. إيجاد التوازن الاجتماعي وتوسيع الطبقة الوسطى التي تضاءلت بين الثراء الفاحش والفقر المدقع الذي يكاد يكون كفرا باجتثاث جذور الفساد وسد ذرائعه. وفي الأخير إننا نطمح إلى التفافة كريمة من السيد رئيس الجمهورية أن يكرم اسم الشيخ بوسليماني من خلال إطلاق اسمه الذي يحمل رمزية مميزة على مرفق عام وخصوصا المرفق التربوي والاجتماعي الذي كان الشيخ بوسليماني يفني عمره في تحقيق الارتقاء بالأمة من خلال النشاط في مختلف قطاعاتها.

ليست هناك تعليقات: