10 أغسطس 2009

الداعية.. وممارسة الرياضة


بقلم: أحمد صلاح

أخي الداعية..
ما هي فكرتك عن الرياضة؟ هل ترى أنها ليس لها قيمة؟ هل ترى أنها شيء ليس له علاقة بالإسلام؟ هل ترى أنها مجرد لعب؟ وأن الرياضة تعني كرة القدم، ولا شيء غير كرة القدم؟ وهل للرياضة علاقة بالدعوة؟ وهل لها تأثير في إنتاجية الداعي ونفسية المدعو والأثر الأخلاقي عليه؟!

تعالوا نتحدث في موضوع الرياضة.. ونفكر.
هل يريد الله من الإنسان أن يكون كسولاً مريضًا، معبأً بأمراض السمنة أو النحافة؟ هل يريد منه أن يتعرَّض لأمراض القلب بعد سن الثلاثين، لا يستطيع أن يصعد السلَّم، أو يحمل أنبوبة الغاز إذا طلبت منه والدته أن يصعد بها إلى الدور الثاني، ينقطع نفَسُه إذا جرى ثلاثين أو أربعين مترًا، لا يستطيع أن يصحو الفجر؛ لأن عظمه مكسَّر، لا يستطيع أن يدافع عن نفسه إذا تعرض لاعتداء أو تعرَّض أخوه أو صديقه لأذى من شخص أحمق، أو حاول شخص أن يسرقه؟!

هل يريد الله من المسلم أن يكون هكذا؟
بالقطع لا.. فالله كرم الإنسان، وتكريمه يعني أنه يريد له أن يكون في أفضل صورة، ليست صورة شكلية فقط، ولكن صورة جسمية ونفسية واجتماعية وأخلاقية.. يريدك أن تكون شخصًا متوازنًا في حياتك، كما تمشي متوازنًا أمام الناس بلا عوج ولا ميل.. ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾ (الإسراء: 70).

وفى قصة النبي موسى عليه السلام مع ابنتي شعيب عليه السلام يقول تعالى: ﴿قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ القَوِيُّ الأَمِينُ﴾ (القصص: 26).

والعبد الصالح (ذو القرنين) الذي استثمر طاقاته المبدعة في الدفاع عن المستضعفين؛ حيث يصنع لهم سدًّا يقيهم من هجمات الأعداء (يأجوج ومأجوج)، وقد طلب منهم أن يبذلوا طاقاتهم البدنية معه فيعينوه على ذلك العمل الكبير.. بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿قَالُوا يَا ذَا القَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا* قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا﴾ (الكهف: 94، 95)، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله".

هذا التوازن هو الذي يعطيك شرف العبودبة لله؛ لأنك ستكون فعلاً صورةً مشرفةً للمسلم وللدين الذي تحبه، وإذا كانت الرياضة تحقق ذلك، فلا بد أن يدعو الإسلام إلى الرياضة ويحثُّ عليها.

هل تصدق أن الرسول كان يسابق الإبل والخيل بعد أن تعدَّى الخمسين عامًا؟!
ولأن بلادنا بعيدة عن مفاهيم الإسلام فإنها ترى أن الرياضة هي كرة القدم، وكرة القدم هي الرياضة، فإذا فزنا ببطولات رياضية أصبحنا بلدًا رياضيًّا، وإذا لم نفز في مباراة ضيّعت علينا الفوز ببطولة، دخل الشعب كله في سرادق عزاء يبكي.

والحقيقة أن هناك فرقًا بين ممارسة الرياضة والمنافسات الرياضية، والدول الغربية تفهم ذلك جيدًا، وهي ترى أن ممارسة شعبها الرياضة أهم مائة مرة من الفوز ببطولة كأس العالم وشعبها كسول مريض.

في الدول الغربية يخرج الناس صباحًا ليمارسوا رياضة المشي، وهي أقل وأبسط رياضة ممكنة، فخمس وأربعون دقيقة من المشي يوميًّا تحافظ على اللياقة الدورية التنفسية، وعلى اللياقة البدنية للأطراف السفلى، وعلى إذابة الكوليستيرول الزائد المترسِّب في الجسم.

يمارس الرياضة الكبار والشباب والأطفال والرجال والنساء؛ لأنهم يعتبرون ممارسة الرياضة عنصرًا من عناصر التقدم الحقيقي.

نشاهد مباريات كرة القدم نعم، ونفرح لفوز فريق نشجعه لا بأس، ولكن علينا أن نعلن أن ساعةً إلا ربع الساعة من المشي، أو ساعةً من لعب الكرة، أو ساعةً من السباحة؛ أفضل مائة مرة من مشاهدة مباراة بين برشلونة وتشيلسي.

فوائد النشاط الرياضي ومخاطر الكسل:
1- حياة صحية أفضل.
2- تحسين اللياقة.
3- قوام متزن.
4- احترام الذات.
5- التحكم بالوزن.
6- عضلات وعظام أقوى.
7- الشعور بالنشاط والحيوية.
8- قلة التوتر.

أما المخاطر الصحية للكسل فهي:
1- الخمول والاتكال على الآخرين.
2- التعب لأقل مجهود وعدم الصبر والاحتمال والإرهاق السريع.
3- قلة الوعي الذهني وضعف الذاكرة.
4- القلق والتوتر والأرق.
5- ظهور أمراض الرفاهية وفي سن مبكرة، كالسكري وارتفاع الضغط وأمراض القلب والشرايين والسمنة ومضاعفاتها العديدة.
6- هشاشة العظام وتيبُّس المفاصل وآلامها المزمنة.
7- التقليل من حركة الأمعاء والإمساك المزمن.
8- ظهور الشيخوخة المبكرة، وغيرها.

تأثير الرياضة على أجهزة الجسم المختلفة
تؤثر الرياضة في أجهزة الجسم المختلفة؛ الدوري والحركي والتنفسي والعصبي والهضمي، كما أنها لها تأثيرًا في الحالة النفسية والاجتماعية، نأخذ من كل هذا الجهاز الدوري كمثال:
الجهاز الدوري
القلب وهو المركز الرئيسي لضخِّ الدم إلى كافة أجزاء الجسم لتغذيتها بالدم (سائل الحياة) والرياضة تؤدي إلى زيادة قوة ضربات القلب؛ مما يؤدي إلى زيادة قوة ضخِّ الدم إلى كافة أجزاء الجسم، وبالتالي تكون الحاجة إلى زيادة ضربات القلب في أوقات المجهود أقل، فيقل الحمل على القلب، مما يؤدي إلى تقليل فرص احتمال الإصابة بأمراض فشل عضلات القلب.

- إن الرياضة لها فوائد صحية نفسية واجتماعية كبيرة، استفِد منها وعلِّمها لمن تدعوهم ليستفيدوا معك.

- تعلَّم من الرياضة وعلِّم من تدعوهم تهذيب النفسَ، وتقوية الجسم وتربية الخُلق، فهي تعوَّدنا على قوة الإرادة وضبط الشعور وحب النظام والتعاون.. فنتقوَّى بها للوصول إلى غاياتنا.. نروِّح بها عن أنفسنا لنستعد للعمل بنشاط وحيوية.

- إن الرياضة أمر في غاية الأهمية لكل مسلم، وعلى قدر أهميته على قدر إهمالنا له.- جرِّب أخي الداعية أن تمارس الرياضة، جرِّبها مع نفسك ومع أسرتك ومع من تدعوهم، وستجد الفارق كبيرًا بإذن الله.

ليست هناك تعليقات: