14 أكتوبر 2009

للمقبلين على الجامعة .. نصائح للطالب الداعية


يسعدني أن أهنئكم على التحاقكم بالجامعة، وأسأل الله سبحانه أن يرزقكم التوفيق والنجاح على كل من المستويين الدراسي والدعوي



1- أهم وأخطر ما يمكنك عمله -أخي الطالب وأنت على مشارف الجامعة هو أن تقدم القدوة الحسنة لزملائك كطالب مسلم: ملتزم في كل شئونه، حريص على وقته ومواعيده، حريص على محاضراته، حريص على مذاكرته، حريص على مظهره وحسن هندامه، يؤدي واجباته باقتدار، متفوق علميا، حسن الأخلاق مع معلميه وأقرانه وكل من حوله، يساعد من يحتاج المساعدة، متواضع في غير ذلة، معتز بنفسه في غير تكبر ولا غرور؛ هذا بالطبع إلى جانب التزامك بواجباتك الدينية ِيعطي الانطباع عند من يرونك أن هذا الخير الذي أنت فيه إنما هو بسبب تدينك والتزامك.

2- احرص على التعرف على أكبر عدد ممكن من زملائك، وكون علاقات طيبة معهم، عن طريق الابتسام الدائم في وجوههم، والإهداء إليهم، وتقديم العون لهم.. وإياك والتجهم في وجوههم، أو أن تكون فظا غليظ القلب فينفضوا من حولك.

3- تعاون مع إخوانك الدعاة الذين تتعرف عليهم من خلال الأسر الطلابية أو مسجد كليتك، فيما تتفقون عليه من أعمال دعوية، مع مراعاة التنسيق وحسن التنظيم حتى تؤتي أعمالكم ثمارها، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم.

4- ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن، وكن صبورا على من تدعوهم، وراعِ فيهم الشباب وطيشه ونزقه، ولا تشعرهم بأنك مختلف عنهم إنسانيا، بل اجعلهم يشعرون أنك إنسان مثلهم تشعر بما يشعرون وتحب ما يحبون وتكره ما يكرهون، ولكنك فقط تقدم طاعة الله عز وجل وإرضاءه على هوى نفسك وصبوات شبابك، التماسا لجنة عرضها السماوات والأرض، أقل ما فيها خير من الدنيا ما فيها.

5- يجب أن تراعي –أخي- الظروف المحيطة بك داخل الجامعة، وتتكيف معها، وتبحث عن الطرق المثلى للتعامل معها، دون أن يؤدي بك ذلك إلى الدخول في صراعات ومشكلات، وفي نفس الوقت لا يدفعك لتقديم تنازلات، وهذا يتطلب منك جهدا كبيرا، فاستعن بالله، واطلب منه التوفيق والسداد، وقدر لكل موقف قدره.

وأخيرا أهمس في أذنك:

إياك أن تنسى أنك طالب، وإياك أن تتحجج بالأعمال الدعوية وتبرر بها تقصيرك في مذاكرتك وتحصيلك، فإن مهمتك الأساسية في الجامعة أن تذاكر وتنجح وتتفوق في مجالك، وهذه أكبر خدمة تقدمها للدعوة.
فماذا تفعل الدعوة بالكسالى والراسبين والفاشلين؟
فاجتهد في التوفيق بين أعمالك الدعوية ودراستك ولا يشغلنك عمل عن عمل تكن من الفائزين إن شاء الله..

مسألة التوفيق بين الدعوة والدراسة

إن السؤال عن التوفيق بين الدعوة والدراسة يفتح الموضوع الأهم، ويطرح السؤال الشائك في العمل الدعوي وخاصة في الوسط الطلابي..

إن أهم ما يميز ديننا الإسلامي الحنيف: التوازن والاعتدال.
ومن ثم فإنه يجب على كل من ينتمي إلى هذا الدين العظيم أن يكون متوازنا ومتزنا في شأنه كله، ولأن كل واحد منا يمارس عددا من الأدوار، ويلبس عددا مختلفا من القبعات فإنه حري بنا أن نتخلق بهذا الخلق الإسلامي العظيم وهو "التوازن" فلا يطغى جانب على جانب.

فالطالب مثلا يقوم بعدة أدوار: فهو في الجامعة أو المدرسة طالب وعليه واجباته، وهو في البيت ابن وأخ وعليه واجباته التي يجب أن يؤديها تجاه والديه وإخوته، وهو في الحي عليه واجبات تجاه أصحابه وأصدقائه، وهو في الشارع عليه واجبات تجاه عامة الناس يجب عليه أن يقوم بها..

وهكذا يتبين لنا أننا نقوم بعدد من الأدوار تجاه الشرائح المختلفة من الناس الذين نعايشهم ونعاشرهم، وفي كل الحالات يجب ألا يطغى واجب على واجب، ويجب ألا ينسي حق حقا..

إن مشكلة "عدم القدرة على التوفيق بين العمل الدعوي وبين الدراسة"، هي إحدى آفات العمل الإسلامي في الحقل الجامعي، وهي بحق معضلة تبحث عن حل، غير أن الحل سهل يسير على من يسره الله عليه، فبصره بأصول دينه وأبجديات شريعته، وحتى تكون الأمور واضحة اسمح لي أن أدخل في الموضوع مباشرة، فأضع لك عددا من القواعد التي يجب أن تنتبه إليها أنت وإخوانك من الطلاب الذين يمارسون العمل الدعوي خلال الدراسة وهي:

1- الهدف:
فالهدف من وجودنا في هذه الحياة هو عبادة الله، وتحصيل رضاه، قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الجنَّ والإنس إلا ليعبدون)، فالأصل في الحياة أن نحقق عبوديتنا لله عز وجل.

2- واجب الوقت:
ومع قناعتنا بأننا إنما خلقنا في هذا الكون لعبادة الله، فإننا على يقين بأن ديننا الذي يقدر العلم ويعرف مكانة العلماء (إِنَّما يخشى الله من عبادِهِ العلماء)، قد علمنا أن "لكل وقت واجب"، وواجب الوقت للطالب خلال العام الدراسي أن يفزع لطلب العلم وتحصيل الدرس، هذا مع يقينه بفرضية طلب العلم،قال تعالى: (وقل ربِّ زِدني عِلمًا)، وقال صلى الله عليه وسلم: (طلب العلم فريضة على كل مسلم).

3- التوازن:
وبين الهدف وواجب الوقت يجب أن نتحلى بخلق التوازن، فلا يجب أن ينسينا واجب الوقت الهدف الذي من أجله خلقنا، كما لا يجب أن نقصر في أداء واجب الوقت الذي علينا.

وفي ضوء هذه القواعد الثلاث فإنني أنصحك اخي الطالب وإخوانك بما يلي:
1- أوصيك ونفسي بتقوى الله، فإنها جماع كل خير، والتقوى باختصار هي فعل الواجبات وترك المحرمات.

2- كن خير داع إلى الله بِسَمْتِك الحسن وأخلاقك الكريمة، وحسن هيئتك، واجتهادك في مذاكرتك.

3- احرص على الانتفاع بوقتك ولا تضيع جزءا منه في غير فائدة، وإن كان لك مهمة عند زميل لك فأوجز في قضائها.

4- حافظ على حضور دروسك أو محاضرات ولا تتخلف عن واحدة منها إلا لعذر شديد، حتى تكون قدوة لزملائك في الجامعة، واعلم أنك لن تكون داعية حتى تكون قدوة، إذ ليس من المنطق ألا يراك زملاؤك معهم في المحاضرة ثم يستمعون لدعوتك، فكن زميلا لهم قبل أن تكون داعية لهم.

5- اعلم أن نجاحك وتفوقك في الجامعة هو الطريق الصحيح والأسرع إلى قلوب زملائك، وأن رسوبك أو تأخرك –لا قدر الله– سيباعد بين دعوتك وبين زملائك، فهم لن يطيب لهم أن يقتدوا براسب أو متخلف عن دروسه.

6- اعلم أن الداعية قد يمثل إضافة لدينه ودعوته بنجاحه وتفوقه وقد يسيء لهما بإهماله وتضييعه للحقوق وعدم اتزانه، فاحرص على صورة دينك ودعوتك وكن إضافة حسنة لهما.

7- إن انتهيت من أداء واجباتك ودروسك، فارغب إلى ربك بمداومة الذكر والاستغفار والدعاء.

وختاما..
أتمنى لكم كل التوفيق في دراستكم ودعوتكم، وأن يرزقكم الله الفهم العالي والتوازن والاتزان.

------------------------
منقول

ليست هناك تعليقات: