18 أبريل 2010

كلمة الأستاذ الحاج طاهر زيشي في افتتاح ملتقى المرأة السنوي


بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة الأستاذ الحاج طاهر زيشي في افتتاح ملتقى المرأة السنوي
"رسالة المرأة بين متطلبات الهوية وتحديات الواقع"
يوم: 02 جمادى الأولى 1431هـ الموافق 16 أبريل 2010م.
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وبعد..
فضيلة رئيس حركة الدعوة والتغيير،
السادة أعضاء المكتب الوطني،
الأخوات الفضليات من إطارات الحركة في المجالس المنتخبة وفي هياكل الحركة على مستوى بلديات وولايات الوطن،
ضيوفنا الأكارم من الشخصيات والهيئات والفعاليات العلمية والإعلامية السياسية والاجتماعية،
قيادات العمل الإسلامي،
نرحب بكم جميعا ونحييكم بتحية الإسلام، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
إنها لفرصة طيبة أن نلتقي من خلال هذا الجمع الكريم، وهذا الملتقى المبارك، وهذا الحضور الكثيف من أخواتنا الفضليات، إطارات حركة الدعوة والتغيير، اللواتي ما فتئن يسجلن حضورهن في مختلف المواقع والفضاءات، على الساحة المحلية والوطنية، ويصنعن الحدث بكل قوة واقتدار في الكثير من المحطات التي عرفتها وتعرفها الحركة عبر مختلف الأحداث والتطورات التي يشهدها مجتمعنا ووطننا العزيز.
وإنها مناسبة طيبة أيضا، أن نلتقي في ظل مناسبة وطنية عظيمة، برمزيتها ومعانيها وأبعادها، إنها مناسبة يوم العلم، المصادفة لذكرى الإمام العلامة عبد الحميد ابن باديس، التي نقف فيها هذه الوقفة مع المشروع الإصلاحي التغييري، من خلال أحد أبرز مقوماته وأجنحته الأساسية، ألا وهي المرأة التي هي نصف المجتمع وبانية النصف الآخر كما يقال، والتي مثلت على مدار تاريخنا الإسلامي الدور المشهود في حركية التاريخ وصناعة الحياة.
هذا المشروع الإصلاحي التغييري الذي يمثل عمق الفكرة الإسلامية، والذي شكل مدار عمل رواد الإصلاح والمجددين في القديم والحديث والذين انصب عملهم على ثلاثية : (تكوين الفرد، والأسرة، والمجتمع)، فإذا صلح الفرد واستقام استقامت الأسرة، وإذا استقام الرجل والمرأة استقام المجتمع كله، وصلح حاله، لذلك جاء اختيارنا لموضوع ملتقانا هذا :"رسالة المرأة بين متطلبات الهوية وتحديات الواقع"، انسجاما مع متطلبات هذا المشروع، مشروع الإصلاح، الذي هو في حقيقته فكر وتربية ودعوة وعمل جمعوي وفعل سياسي وجهد تنموي، ولا يمكن أن يتحقق هذا المشروع إلا على أساس من العلم والمعرفة والجد والاجتهاد والأخلاق والقيم. وهذا الذي تسعى إليه حركة الدعوة والتغيير في برنامجها وأهدافها.

أيتها الأخوات الفضليات، أيها السادة الأكارم،

عند انطلاق تأسيس العمل الإسلامي خلال السبعينات كانت المرأة واحدة من اهتمامات العمل الإسلامي باعتبارها ركيزة أساسية في عملية الإصلاح والتغيير.
وكان من أوائل مؤسسي العمل الإسلامي مجموعة من الأخوات الفضليات اللائي قام عليهن العمل الإصلاحي والتغييري في أول مراحله والذي أثمر يوما بعد يوم حيث كان لقاء أخواتكن بالعشرات على الأكثر ليصبح اليوم بالآلاف بفضل جهودهن وتضحياتهن وعزيمتهن في تجاوز العقبات والمصاعب التي تمثلها التقاليد الإجتماعية البالية التي شكلت عائقا في ممارسة وظيفتهن الاجتماعية ودورهن الحضاري في عملية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولله الحمد من قبل ومن بعد.

أيتها الأخوات الفضليات،
إن الرابط بين جيل الأمس وبينكن هو ذلك المنهج الأصيل الذي تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه تستمر قافلة الدعوة والتغيير والإصلاح نحو أساسيات كبرى هي إسعاد البشرية (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً)البقرة143.
إننا معشر المؤسسين والمؤسسات لا يمكن أن نصف شعورنا اليوم ونحن نشاهد تلك الشجيرات التي غرسناها ذات يوم من أعوام السبعينات تعم الجزائر فكرا وسلوكا وثقافة ومظاهر اجتماعية بعد أربعة عقود من الزمن، وهو عمر قليل في حياة الأمم والدعوات. فقد كان الحجاب في ذلك الوقت حالة نادرة واليوم تقف ملايين المحجبات في قافلة الوفاء لابن باديس والإبراهيمي والورثيلاني ومحفوظ نحناح ومن قبل قادة الإصلاح والتربية في العالم مثل الأفغاني وعبدو والإمام المجدد الإمام حسن البنا رحمهم الله جميعا, ولا نقصد بالحجاب قطعة قماش فقط، ولكن نقصد رسالة الحجاب المتمثلة في ثقافة الحجاب ومبادئ الحجاب وأخلاق الحجاب.
إن أمتنا تعيش أحلك مرحلة في تاريخنا المعاصر أصيبت فيها من كل النواحي.
فهي منعدمة الإرادة, منقسمة في المواقف مختلفة في كيفية دعم ونصرة قضيتها المركزية عاجزة في دفع الأذى عن نفسها ومقدساتها, وحدتها ممزقة ثرواتها مسلوبة وكرامتها منتهكة, حدودها مفتوحة أمام عدوها مغلقة على أبنائها مما يعطي صورة من اليأس يبدد ظلامها بريق الأمل الذي تصنعنه من خلال هذه الإرادة الصلبة والعزيمة القوية التي نأمل أن تكون بوابة لصنع الانفراج واسترداد العزة والكرامة والمضي قدما نحو مستقبل زاهر.
وإذا كان لي من وصية من هذا المقام الرفيع، فإنني باسم هيئة أهل السبق والتأسيس التي تضم أباءكم وإخوانكم وأخواتكم المؤسسين والمؤسسات، أدعوكم إلى أن تكون فلسطين في قلوبكم دائما وعليها ترّبون أبناءكم وبناتكم لتكون عهدا نتواصى به مع بعضنا، جيلا بعد جيل وهي أمانة محمد صلى الله عليه وسلم ووّصية عمر رضي الله عنه ووقف الأمة الإسلامية كما قال السلطان عبد الحميد رحمة الله عليه. بارك الله لكن في عملكن ووفقكن لما فيه الخير والصلاح.

ليست هناك تعليقات: