18 أبريل 2010

حديث حول متطلبات الهوية

لقد ظلت الجزائر محمية الهوية مضاءة السبيل ببريق الثورة التحريرية الكبرى ومشروعها الاجتماعي الذي وحد الأمة وأعطى للهوية معنى وأثرا في كل الأبعاد السياسية والاجتماعية على مر عقود من الزمن، وقد كان الإسلام هو حجر الزاوية والأساس في كل مكونات الهوية الوطنية ومن خلاله استطاعت الجزائر والجزائريون أن يحافظوا على تميزهم ويتمكن من مقاومة كل محاولات تذويب أو تحريف الشخصية الوطنية ذات الهوية القادرة على التفاعل مع الآخر بشكل إيجابي دون القابلية للانحلال أو الانحراف أو التأثر السلبي، وبذلك كان الإسلام بالاستمرار محل الإجلال والإكبار والاعتزاز لدى كل الجزائريين منه ينطلقون وعلى أساس القرب والبعد منه يقيمون أوضاعهم والمتعاملين معهم لأن الجزائر أرض الإسلام وشعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب.

بسم الله الرحمن الرحيم

حديث حول متطلبات الهوية

لقد ظلت الجزائر محمية الهوية مضاءة السبيل ببريق الثورة التحريرية الكبرى ومشروعها الاجتماعي الذي وحد الأمة وأعطى للهوية معنى وأثرا في كل الأبعاد السياسية والاجتماعية على مر عقود من الزمن، وقد كان الإسلام هو حجر الزاوية والأساس في كل مكونات الهوية الوطنية ومن خلاله استطاعت الجزائر والجزائريون أن يحافظوا على تميزهم ويتمكن من مقاومة كل محاولات تذويب أو تحريف الشخصية الوطنية ذات الهوية القادرة على التفاعل مع الآخر بشكل إيجابي دون القابلية للانحلال أو الانحراف أو التأثر السلبي، وبذلك كان الإسلام بالاستمرار محل الإجلال والإكبار والاعتزاز لدى كل الجزائريين منه ينطلقون وعلى أساس القرب والبعد منه يقيمون أوضاعهم والمتعاملين معهم لأن الجزائر أرض الإسلام وشعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب.
واليوم إذ تفتح في الساحة الإعلامية مرة أخرى نقاشات حول مواضيع تتعلق بالشخصية الوطنية والهوية الوطنية واللغة العربية فإن ذلك يعني بأن إرادة المراوحة في المكان نفسه تتكرر مرة أخرى، تستدعي إلى الواقع تلك المعارك التي كنا نعتقد أنها تحولت إلى معارك هامشية فإذا هي اليوم تفرض نفسها مرة أخرى على الجميع، فهل كتب على الجزائر والجزائريين عملية الاجترار المتكررة لملفات تفتح وتغلق حسب الأمزجة والأهواء وتستغل في معارك وتجاذبات سياسية بشكل مستبيح وغير لائق بكرامة الجزائر ومقام المواطن الجزائري.

اللغة العربية غير قابلة للتجاوزات
إن التجاوزات التي تحدث في حق اللغة العربية غير مقبولة دستوريا، وغير مبررة بالمشاكل التقنية لأن الدستور سيد، ويجب على الجهات التنفيذية أن تبحث عن الوسائل التقنية لتطبيق الدستور وليس العكس، والحديث الذي يدور هذه الأيام عن إعادة استخدام اللغة الأجنبية في التعريف بالشعب الجزائري عبر وثائق التعريف والهوية هو حديث باطل ومرفوض وعلى جميع المسؤولين اتخاذ الإجراءات التي تحمي تطبيق الدستور من حيث الشكل والمحتوى وعلى جميع القوى الوطنية ومن وراءهم الشعب الجزائري أن يعبروا بصوت واضح وعال جدا عن رفضهم لعملية سلخ وثائق الهوية عن جلدها الطبيعي الذي هو اللغة العربية التي هي لغة قادرة على الاستجابة لكل تطورات التقنية بل إنها سيدة في هذا المقام يمكن التعامل من خلالها، وبذلك نحفظ كرامة اللغة وكرامة الوطن، ونوقف مسلسل التجاوز في حق جزء من مكونات هذا الوطن وهذا الشعب الأساسية وهي اللغة العربية.

مشكلة الجزائر ليست هنا
إن الجزائر تعاني اليوم من أزمة حقيقية هي أزمة الفساد الذي ضرب القيم الأساسية في الحكم الراشد وإن ترشيد المنظومة الوطنية هو أولوية الأولويات التي من خلالها يمكننا المحافظة على المال العام والمصالح العليا للبلاد وإن ذلك لا يتأتى إلاّ بإدارة كبيرة ومشاركة الجميع في التصدي للآفات الجديدة التي تضرب في عمق الدولة والمجتمع.
وإن إمكانيات معالجة قضايا الفساد لا تزال متوفرة إذا صدقت العزائم والإرادات وهو عمل مشترك بين جميع مكونات الجزائر، يبدأ من الفرد إلى المجتمع ولكن تبقى المسؤولية رسمية لا ينبغي أن تصرفنا عنها شؤون ثانوية أو قضايا طارئة أو تلهينا عنها ملفات ليست بالأهمية التي تناسب حجة الآثار السلبية للفساد على الوطن والمواطن.

التطوير لا يصاحبه الإذلال
إن عملية فرض الأشكال على المواطن مهما كان مبررها غير مقبولة لأن المواطن سيد في وطنه والتعبير عن هويته قيمة اجتماعية تعبر عن العقل الجمعي للمواطنين فلا يمكن أن تفرض عليهم في تعاطيها رؤى خارجية لأن المطلوب من الدولة هو حماية اختيارات مواطنيها، خصوصا في ظل توافقهم مع قوانينها، وليس صحيحا أن نتبنى تنظيمات مخالفة للدستور من أجل إرضاء جهات خارجية خصوصا وأن تجارب الدول الأخرى تقول بعكس ما يطرح في الساحة الوطنية هذه الأيام.
ولعل بعض التصريحات الوطنية التي تحمل المواطن مسؤولية نفسه أمام الجهات الدولية تحتاج إلى تعديل لأن هذه هذا المواطن جزء من مسؤولية الدولة التي عليها أن تحميه في نفسه وممتلكاته وعزمه وكرامته.

الوعي بمتطلبات المرحلة
إننا نعتقد أن الجزائر تمر بمرحلة حساسة وأن واجب المواطن كما هو واجب مختلف المؤسسات الرسمية والشعبية أن تزيد من منسوب الوعي بمتطلبات هذه المرحلة التي نطمح جميعا إلى أن تحتل الجزائر فيها موقعها الطبيعي في الخارطة الدولية، ولا يتأتى ذلك إلا بتوسيع الإصلاحات، وتعميق الديمقراطية والشفافية في مختلف المجالات والتمسك بكل مكونات الهوية الوطنية التي تبقى هي المرجعية والأساس في التعامل مع أي ملف، وكلما كانت اللحمة الوطنية قوية كان مردود الدولة والمجتمع أكثر قوة وكانت الرؤية الخارجية والتعامل الخارجي معنا على قدر ما نستطيع المساهمة به في قضايا العالم الكبرى وعلى رأسها الحكم الراشد والديمقراطية والسلم والتنمية.

ليست هناك تعليقات: