2 سبتمبر 2009

إلى إخواني في حركة الدعوة والتغيير


الأستاذ: كمال كافي
رئيس مجلس الشورى الولائي لحركة
الدعوة والتغيير بالمدية


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين حمدا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه الذين نصروه واتّبعوا النور الذي أنزل معه ورضي الله عمن دعا بدعوته واهتدى بسنّته إلى يوم الدين.

ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا، سبحانك لا علم لنا إلا ما علّمتنا، إنّك أنت العليم الحكيم.
أمّا بعد:

إخواني أخواتي، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

هناك أيها الإخوة والأخوات نعمتان عظيمتان لا تعدلهما نعمة:

النعمة الأولى: هي نعمة الإيمان بالله وهي أعظم من الخلق والإيجاد لأنه لا معنى لأن تخلق ثمّ تضلّ الطريق ويكون مصيرك إلى النار.

فالهداية إلى الإيمان هي كبرى النّعم، قال تعالى: "يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنّوا عليّ إسلامكم بل الله يمنّ عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين".
وقال تعالى: "ولكن الله حبّب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكرّه إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون فضلا من الله ونعمة".

النعمة الثانية: هي الأخوة في الله، قال تعالى: "واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا"

كرّر النعمة وأكّدها لنعرف قيمة الأخوة في الله.
إنّ المتحابّين في الله يوم القيامة عن يمين الرّحمن – وكلتا يديه يمين – يفزع الناس وهم لا يفزعون، ويخاف الناس وهم لا يخافون، قال صلّى الله عليه وسلّم: "إنّ هؤلاء ليسوا بأنبياء ولا شهداء ويغبطهم الأنبياء والشهداء لمكانهم من الله عزّ وجلّ. أولئك الذين تحابّوا في الله على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها".
فلنستمسك بهاتين النعمتين: نعمة الهداية إلى الإيمان والإسلام ونعمة الأخوة في الله، هذا الترابط يجب أن يظلّ بيننا إلى أن نلقى الله فيظلّنا ببركة هذا الحبّ في ظلّه يوم لا ظلّ إلا ظلّه، في يوم يتعادى فيه الناس ويتخاصمون ويتباعدون إلا من كانت خلته على التقوى.

" الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقون ".

يجب على لقاءاتنا المباركة بإذن الله أن تحفّها كل المعاني التي نستأنس بها من وحشة ونواجه بها التّحديات التي تعترض دعوتنا ونؤسّس بها لمستقبل واعد إن شاء الله.

إخواني أخواتي:

إنّ العمل في نظر ديننا جهاد، وحتّى لا نظنّ أن الجهاد عسكري فقط، هذا الإمام القرضاوي حفظه الله يقول عن العمل بمؤسسة القدس:

(( لقد شرّفني إخواني برئاسة مؤسّسة القدس، وهي مؤسسة عالمية، وقال بعض الإخوة لم لا تجعلون من مهام هذه المؤسسة الجهاد لتحرير القدس؟ قلت لهم يا جماعة الجهاد العسكري له أهله وقلت لهم مهمتنا في هذه المؤسسة هي الجهاد المدني: نشغل العاطل، ونعلّم الجاهل، ونداوي المريض، وندرّب العالم، ونطعم الجائع، ونكسوا العريان، ونبني مدرسة يدرس فيها الأطفال، ومستشفى يداوى فيها المريض، هذا هو الجهاد المدني )).
ثم يقول:
نحتاج فقط إلى قيادة وإلى أهداف ومنهج وإلى صيحة تدوّي في هذه الأمّة تقول:
" اعملي بعد كسل وانهضي بعد العثرة وسيري على بركة الله ".

فالواقع يؤكّد أنّ عطاء الأفراد وجهودهم وتضحياتهم ترتكز بشكل كبير على البيئة العملية الجماعية التي توفر لهم أجواء البذل والتفاعل والسّعي المتواصل.

وحركتنا اليوم على المستوى المحلي مهما أوتيت من ملكات وقدرات لا تستطيع أن تعمل بدون خلق أجواء دعم ومساندة واسعة، وبرامج تفعيل ومتابعة لجهود تغيير القناعات والترويج للمنهج الصحيح وهذا سيقتضي وجود علاقات عامة فعالة وعمل ميداني حيّ ومهارات عالية في التواصل مع الناس والصّبر على أذاهم.

أيها الإخوان المسلمون:

لقد تميّزت دعوتكم بالنمو والتّطوّر إضافة إلى زيادة انتشارها، وسرّ ذلك كله هو إعداد الرّجال.

قال الإمام الشهيد في رسالة: "هل نحن قوم عمليّن"
(( ولكن الأمم المجاهدة التي تواجه نهضة جديدة وتجتاز دور انتقال خطير وتريد أن تبني حياتها المستقبلية على أساس متين يضمن للجيل الناشئ الرّفاهية والهناء ... إنّها في مسيس الحاجة إلى بناء النفوس وتشييد الأخلاق وطبع أبنائها على خلق الرجولة الصحيحة حتى يصمدوا لما يقف في طريقهم من عقبات ويتغلبوا على ما يعترضهم من مصاعب )).
ويقول - رحمه الله - :
(( وليس للأمة عدة في هذه السبيل الموحشة إلا النّفس المؤمنة والعزيمة القوية الصادقة والسخاء الوافر والتضحيات الكبيرة والإقدام عند الملمات، وبغير ذلك تغلب على أمرها ويكون الفشل حليفها )).
ثمّ يحدد الإمام في رسالة " إلى أي شيء ندعوا الناس ":
القوة الضرورية اللازمة لنهضة الأمة فيقول: (( إنّ تكوين الأمم وتربية الشعوب وتحقيق الآمال ومناصرة المبادئ تحتاج من الفئة التي تدعو إليه قوة نفسية عظيمة تتمثل في:
1- إرادة قوية لا يتطرق إليها ضعف.
2- وفاء ثابت لا يعدو عليه تلون ولا غدر.
3- تضحية عزيزة لا يحول دونها طمع ولا بخل.
4- معرفة بالمبدأ والإيمان به وتقدير له يعصم من الخطأ فيه والانحراف والمساومة عليه والخديعة بغيره)).

* من لا يستطيع أن يكون جنديا لا يصلح أن يكون قائدا *

ومن توجيهات الإمام الشهيد لنا في هذا المجال:
" اجعلوا في كل شارع جماعة إخوانية، وفي كل قرية كتيبة قرآنية وفي كلّ مدينة راية محمّدية، وفي كلّ فجّ من الفجاج أخا يهتف بمبادئكم ... ألفوا الفرق الرياضية بأنواعها فالقوة شعاركم ووجهوا عنايتكم إلى الجوالة، وليكن في كل شعبة من شعبكم فرقة من شبابها فهو الجهاد في سبيل الله، كوّنوا الكتائب فإن جيوش الليل تنزل بالنصر على جيوش النهار، اقتصدوا من أموالكم لإيمانكم ومستقبلكم فإنكم لا تدرون ما يحدث غدا ".
وفي الأخير نمتثل قول الإمام رحمه الله:
(( سنربي أنفسنا ليكون منا الرجل المسلم، وسنربي بيوتنا ليكون منها البيت المسلم، وسنربي شعبنا ليكون منه الشعب المسلم، وسنكون من بين هذا الشعب المسلم، وسنسير بخطوات ثابتة إلى تمام الشوط وإلى الهدف الذي وضعه الله لنا لا الذي وضعناه لأنفسنا، وسنصل بإذن الله وبمعونته، ويأبى الله إلى أن يتم نوره ولو كره الكافرون )).
ويقول رضي الله عنه:
" وقد أعددنا لذلك إيمانا لا يتزعزع، وعملا لا يتوقف، وثقة بالله لا تضعف، وأرواحا أسعد أيامها يوم تلقى الله شهيدة في سبيله ".

نسأل الله أن يبارك لنا في جهودنا ويحفظ دعوتنا وينصرنا على خصومنا ويمكّن لنا ديننا الذي ارتضى لنا ويكلل أعمالنا بالنجاح والتوفيق، إنه وليّ ذلك والقادر عليه.

وصلّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.

وبارك الله فيكم.
-----------------------------

هناك تعليقان (2):

Unknown يقول...

بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من والاه..و فقنا الله و اياكم للخير إنّه قديييير ما دمنا نسير في درب الدعوة و التغيير فإننا نبصر نورا مشرقا منير و نجاحا بإذن الله القدير سنتخطى جميع العقبات لأننا ندعوا إلى الله و هي أسمى الدعوات و ننادي بفكرة الإسلام التي قال عنها البنا أقوى الفكر و نقدّم للناس شريعة القرآن..فامضوانحو الأمام و كونوا للدعوة فرسان..
و الله أكبر و لله الحمد

محمد التبسي يقول...

شكرا للأستاد كمال على هاته العاطفة والكلمة الطيبة وجعلها في ميزان حسناتك ووفقنا الله لأداء الواجب الدعوي على أكمل وجه

أخوكم محمد من تبسة