5 سبتمبر 2009

خـطـبـة الـشـيـخ مـصـطـفى بلمهدي في الافـطـار الـجـمـاعي المنظم بالعاصمة



فضيلة الشيخ مصطفى بلمهدي"رئيس الحركة"

لقد دأبنا على سنة التواصل الرمضاني الذي نعتبره ساحة مهمة من ساحات التلاقي والتقارب والتعاون بين الأشقاء الذين تجمعهم الأمال المشتركة والآلام المشتركة أيضا عبر ساحة وطننا الاسلامي الكبير, رمضان محطة تصفل فيها الشياطين وتغلق فيها أبواب النار وتتحول بذلك الى فضاء رحب للتسامح والتغافر والتناصر والتشاور.
.

بســــم الله الرحــمان الرحيـــم


الصـلاة والسلام علـى سيدنـا محمــد وعلـى آلــه وصحبه أجمعــين وبعــــد/


تحية رمضانية مباركة, فالسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال وبارك الله لنا ولكم بأجر العشر الأوائل من رمضان ونسأل الله عزوجل أن يبارك لنا ويعيننا ويبلغنا فيما تبقى من أيامه المباركة الطاهرة.

.

أيها السادة الأفاضل

.

لقد دأبنا على سنة التواصل الرمضاني الذي نعتبره ساحة مهمة من ساحات التلاقي والتقارب والتعاون بين الأشقاء الذين تجمعهم الأمال المشتركة والآلام المشتركة أيضا عبر ساحة وطننا الاسلامي الكبير, رمضان محطة تصفل فيها الشياطين وتغلق فيها أبواب النار وتتحول بذلك الى فضاء رحب للتسامح والتغافر والتناصر والتشاور بعيدا عن الوسوسة الشيطانية أي بعيدا عن كل شر في ظل الخير والتراحم والأخوة والمصلحة المتبادلة
.

وإن رمضان هو فرصة حقيقية للتغير الذي من خلاله نزيل بعضا من أسباب ضعفنا الذي تحولت معه الأمة الإسلامية إلى هامش الأحداث والى حقل التجارب يصح فيه قول الشاعر "ويقضى الأمر حين تغيب تيم ولا يستأذنون وهم شهود", مما خلف جراحات نازفة وشرايين راعفة في كل ربوع أمتنا الإسلامية من غرب افريقيا إلى أقصى شرق آسيا وبينها المآسي الكبرى في فلسطين والعراق وأفغانستان والصومال التي أصبحت ساحات محاصرة بالباطل تدفع ضريبة الجوع والتخلف والحروب وتصنع مادة للمتاجرة السياسية والإعلامية وحقلا لتوازنات الكبار والسيطرة على قرار الثروة والسياسة في الأمة.
.

أيها السادة

.

إن الألم الشديد لا ينسينا الأمل المنشود فان أمتنا تمتلك عوامل النهوض وأدوات القوة وإمكانية التقدم والرقي والازدهار ولكن بين الأمل والألم لابد من منظومة عمل واضحة الأسس تقوم على:
.

أولا: اعتزاز الأمة بثوابتها

إن الأمة الإسلامية تملك في إسلامها وعروبتها مقومات وحدوية كبرى وما لم تجمعه العروبة في مغرب الأمة جمعه الإسلام وما لم يجمعه الإسلام في مشرقها جمعته العروبة والعكس صحيح ولكن وجب أن نتجاوز تحديات المرحلة فدعات الإسلام ليسوا بوابين على الجنة وإنما هدات إليها، ودعاة العروبة ليسوا حراسا لها بل مبشرين بقيمها الجميلة وبذلك نتجاوز العصبيات النتنة إلى رحابة ما نجتمع عليه من قيم وأفكار وتجارب وطموحات بعيدا عن التطرق أو التعصف أو الأنانية أو النظرة الضيقة لأن أعداء الأمة من جهة وجمالها من جهة أخرى قد تكفلوا بضرب هذه الثوابت ومطلوب من قادة الفكر والسياسة ورواد العلم والثقافة أن يكونوا أصدق من يحمل راية التقدم والتغيير في هذه الأمة.

.

ثانيا: الخروج من المعارك الوهمية

فان بلداننا مشتركة أو متفرقة لا تزال تتخبط في معارك وهمية بينية أو داخلية مازالت تعيقها عن النظرة المستقبيلة الصحيحة ومازالت تسمح لخصومها بأن يصنعوا من تلك الأوضاع أزمات حقيقية لهذه الأوطان شهدت العقود الأخيرة منها نماذج كالإرهاب الذي أدخل بلداننا في أزمات لا يمكن أن تعالج إلا بعد عقود من الزمن تكون قد استنفدت فيها طاقات وجهود وأموال وموارد كبيرة كان بالإمكان أن تصرف في خدمة التنمية ودعم القدرة الشرائية بالمواطن المنهك والذي يدفع ضريبة أخطاء السياسيين وتجني الجناة.
.

ثالثا: دعم وتوسيع الديمقراطية

فالعالم يتطور بالمشاركة الجماعية لكفاءات الدول والمنظمات وتقديم أفضل ما حازته تجارب الأفراد والجماعات والدول ولكن هذه المشاركة مازالت في بلداننا متخلفة وضعيفة لشعور المواطن بأنه لايزال رقما مهمشا في منظومة الحكم وشؤون السياسة وتصريف الثروة وهو مالا يصلح إلا بدعم الديمقراطية وتوسيعها وإزالة الشوائب منها ولعل في وطننا الاسلامي نماذج حية لهذه الديمقراطيات وأيضا نماذج كثيرة للأخطاء التي صاحبت الديمقراطية وأثرت عليها وحولتها إلى ديمقراطيات معوقة أو مشوهة تحتاج منا اليوم الى مزيد من الحرص على إنجاحها من خلال الثقافة الديمقراطية التي تسبق الفعل الديمقراطي والتحاكم إلى الديمقراطية بدل التحايل عليها لأن الديمقراطية هي مكسب جاءت به نضالات سنوات طويلة وتضحيات جسيمة والظروف الداخلية والخارجية اليوم أفضل ما تكون لصناعة الديمقراطية الأفضل.
.

رابعا: تقديم خدمة المجتمع

فالأزمات المختلفة يعود تأثيرها المباشر على المواطن البسيط ثم على مفاصل المجتمع مما يزيد الغبن الاجتماعي وبالتالي يمنع العطاء ففاقد الشيء لا يعطيه.
.

ولذلك فان حركة الدعوة والتغيير تعتبر أن واحدة من أولى أولوياتها هي الحرص على مقاومة الغبن الاجتماعي الذي تزداد مساحته في غياب الترشيد الرسمي والاجتماعي للإنفاق وغياب خطط التضامن وانتشار ظاهرة الفساد المالي والأخلاقي وغياب الرقابة وضمور الوازع الديني والضمير الحي وكلها عوامل مؤثرة بشكل مباشر في حركة استقامة الحياة الاجتماعية وصلاحها أو خرابها وفسادها ولعل الأزمة المالية العالمية كانت جزءا من هذه الأسباب وإذا كانت بعض الدول قد بدأت تتخلص من آثار الأزمة فان رذاذ الأزمة لم يبدأ تأثيره في بلداننا إلا هذه الأيام وقد حمل قانون المالية الأخير حالات من هذا التأثير السلبي الذي مس قطاعات هامة ومباشرة في الحياة العامة ولابد من روح تضامنية كبيرة وخطط استعجاليه خاصة للنهوض الاجتماعي الذي لا تصنعه قفة رمضان أو الكتاب المدرسي رغم أهمية هذه الأعمال وإنما تصنعه حركة اقتصادية تشاركية تحمل البعد الاجتماعي في كل مراحله وتقوم على بعث القيم الدينية في المجتمع حتى نستوفي حالة " لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".

.

أيها السادة


إن الأمة لا يمكن أن تحيا سعيدة أو مرتاحة وجزء منها يتألم ونحن في حركة الدعوة والتغيير نتمثل قول النبي صلى الله عليه وسلم "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" وجرحنا الكبير هو فلسطين التي هي أمانة محمد ووديعة عمر ووصية نحناح الذي كان من آخر كلماته أن أوصى بفلسطين ونحن أمناء على هذه الوصية الى أن نلقى الله ومن واجبنا أن ندعوا جميع من نحبهم إلى أن يستوصوا بفلسطين خيرا.

--------------------------------

هناك تعليق واحد:

Unknown يقول...

بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من والاه هذا هو تضامن الإخوان في شهر الصيام "رمضان جعل الله هذه الجهود في ميزان الحسنات يا فرسان الدعوة
و الله أكبر و لله الحمد.